في ظل تعقيد التعاملات المالية وتزايد الاعتماد على البنوك للحصول على التمويل، يتساءل العديد من الناس عن الشروط التي تجعل الاقتراض من البنك يتماشى مع الشريعة الإسلامية. يعتبر القرض المصرفي بالنسبة للبعض وسيلة لتلبية الاحتياجات الملحة وتجاوز الأزمات الاقتصادية، بينما يرى أخرون أن الاعتماد على القروض مع الفوائد يشكل تحدياً شرعياً يحتاج إلى الوقوف عليه بعناية. هنا يأتي دور الشريعة الإسلامية لتحديد الحدود والضوابط التي يجب أن تلتزم لتجنب الوقوع في الربا المحرم، والذي يعد من الأمور التي شدد الإسلام على تجنبها، حيث اعتبره الله سبحانه وتعالى مفسدة عظيمة للأفراد والمجتمعات.
متي يصبح القرض حلال |
في هذا المقال، سنتناول مفهوم القرض الحلال وما يبيحه الشرع من حالات استثنائية، مثل حالات الضرورة القصوى التي لا يجد الشخص فيها بديلاً آخر لتلبية احتياجاته الأساسية، كالعلاج الطارئ أو الحاجة الملحّة للطعام والمأوى. كما سنتطرق إلى الشروط التي تضعها الشريعة الإسلامية على من يضطر لأخذ القرض بربا، وأهمية البحث عن حلول بديلة قبل اتخاذ هذا الخيار، كالقروض الحسنة أو المساعدات من الأهل والأصدقاء.
متى يجوز أخذ القرض من البنك؟
دائماً ما يتساءل الناس: متى يصبح أخذ القرض من البنك حلالاً؟ هل الضرورة هي الشرط الوحيد لجوازه؟ الإجابة المختصرة هي أن القروض التي تشمل فوائد تعتبر من أوضح صور الربا، والربا من الأمور التي حرمها الله عز وجل تحريماً واضحاً، بل وهدد من يتعامل به بالحرب من الله ورسوله، حيث قال تعالى: "فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون".
موقف الشريعة من القروض الربوية:
أخذ القرض بفائدة يجعل الشخص يدفع أكثر مما اقترضه؛ مثلاً، إن اقترض شخص مبلغ 100 جنيه، فعليه أن يسدده بمبلغ 150 جنيهًا. وعند السداد، إذا حاول الشخص تجنب الفائدة وقال إنه سيعيد أصل المبلغ فقط، فإن ذلك لا يبرر أصل القرض.
ما هي الحالات الضرورية التي تبيح القرض:
لا يجوز للمسلم الدخول في قروض بفائدة إلا في حالات ضيقة جدًا من الضرورة القصوى، مثل:
- الخوف من الجوع أو السجن: إذا كان الشخص معرضا للجوع أو السجن ويعول أطفالاً قاصرين لا يقدرون على الكسب، أو أمًا كبيرة في السن يعتمدون عليه.
- الحالات الصحية الطارئة: إذا احتاج الشخص إلى عملية جراحية عاجلة لأحد أفراد عائلته، وكان غير قادر على تغطية التكاليف، ولم يجد سبيلاً للعلاج المجاني أو المساعدة.
في مثل هذه الحالات، يدخل الشخص ضمن قوله تعالى: "فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه".
ما هي البدائل المتاحة للقروض الربوية؟
هناك العديد من البدائل التي يمكن التفكير فيها قبل اللجوء إلى القروض الربوية، منها:
- القروض الحسنة: هذه القروض تُقدّم بدون فوائد، وتُسدد بنفس المبلغ المقترض.
- صناديق الزكاة والصدقات: بعض الجمعيات الخيرية تقدم مساعدات مالية بدون فوائد.
- التعاون مع الأقارب والأصدقاء: قد يكون لدى بعضهم القدرة على مساعدة الشخص في محنته.
هل يجوز أخذ قرض من البنك لشراء منزل أو سيارة؟
أخذ القرض لشراء منزل أو سيارة يتوقف على الضرورة وحاجة الشخص، فإذا كان الشخص قادرًا على تأجيل هذا الشراء أو لديه خيارات أخرى (مثل التأجير أو الشراء بدون فوائد)، فيفضل تجنب القرض الربوي. لكن في حالة الضرورة القصوى - كعدم وجود مأوى - يمكن الرجوع لأهل العلم للنظر في الحالة الخاصة.
هل تجوز القروض الربوية للتعليم أو دراسة الأولاد؟
التعليم يعد من الأساسيات، لكن في حالة القروض الربوية، يجب أن يكون الإنسان في حالة اضطرار شديدة، كأن يكون التعليم ضرورة قصوى ولا يوجد بديل آخر (كالمنح الدراسية أو المساعدات المالية). في هذه الحالة يمكن الرجوع إلى عالم موثوق واستفتائه في الموضوع.
هل تجوز القروض من البنوك الإسلامية؟
تختلف البنوك الإسلامية عن التقليدية، حيث تقدم معاملات مالية خالية من الفوائد، وبدلًا من ذلك تعتمد على المشاركة في الربح والخسارة، أو نظام البيع بالأجل. العديد من العلماء أجازوا التعامل مع البنوك الإسلامية، بشرط التأكد من التزامها بالضوابط الشرعية وعدم احتوائها على أي تعاملات ربوية.
ما الفرق بين القرض الربوي والقرض الحسن؟
القرض الربوي يُعطي فيه المُقرض المال للمقترض على أن يعيده بزيادة (الفائدة)، بينما القرض الحسن هو قرض يُعاد بنفس المبلغ المقترض دون أي زيادة. القرض الحسن يُعد من الأعمال الخيرية ويشجع عليه الإسلام لمساعدة المحتاجين بدون أن يكون هناك استغلال.
هل يمكنني أخذ قرض لدفع الديون المستحقة علي؟
دفع الديون المستحقة قد يكون ضرورة، ولكن يجب تجنب الاقتراض الربوي إلا إذا لم تتوفر بدائل أخرى وكان الشخص في ضائقة شديدة ستسبب له مشاكل قانونية أو معيشية. من الأفضل محاولة تسوية الديون أو التفاوض مع الدائنين قبل اللجوء للقروض الربوية.
هل يحق لي التهرب من دفع الفوائد إذا كنت قد وقعت بالفعل في القرض؟
إذا دخل الشخص في قرض ربوي وندم على ذلك، عليه التوبة والبحث عن طريقة لسداد أصل المبلغ فقط إذا أمكن ذلك، والابتعاد عن أي اتفاقات تزيد عليه الفوائد. مع ذلك، يعتمد هذا على قوانين وشروط البنك، وقد يضطر الشخص لسداد الفائدة في بعض الحالات القانونية. يجب السعي دومًا لتجنب الوقوع في مثل هذه الديون من البداية.
هل يؤثر التعامل بالربا على الرزق والبركة؟
نعم، التعامل بالربا يؤثر سلبًا على البركة في الرزق والحياة، حيث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الربا يمحق البركة، وابضا قد انذرنا الله في كتابه الكريم ان من تعامل بالربا فليأذن بحرب من الله ورسوله.فعلينا ان نعلم ان الابتعاد عن الربا واختيار الكسب الحلال يضمن للفرد حياة طيبة وراحة نفسية، ويزيد من البركة في المال والأعمال.
دعوة لتجنب الربا والحرص على الكسب الحلال:
في النهاية، نسأل الله أن يوفق الجميع للابتعاد عن الربا وأن يعيننا على الكسب الحلال. فالحفاظ على المال الحلال هو من أساسيات البركة، وأن المال الحلال يجلب السعادة والأمان. الربا يذهب البركة ويجلب الهموم، ولذلك يجب علينا جميعا السعي للحصول على البدائل المشروعة دائما، ايضا يمكنك الرجوع الي اصحاب الفتوي الموثوقين او المواقع المخصصة للفتوي مثل موقع اسلام ويب.