![]() |
ريد بول لا تبيع مشروبا... بل تبيع تجربة |
بداية ريد بول:فكرة من تايلاند إلى العالم
تعود القصة إلى عام 1982 عندما كان رجل الأعمال النمساوي "ديتريش ماتيشيتز" في رحلة إلى تايلاند. أثناء الرحلة، شعر بالإرهاق والتعب من السفر، وعندما وصل، زار صيدلية بحثا عن علاج لهذا الشعور. هناك، قدم له الصيدلي مشروبا محليا يدعى "كريتين دينج"، وهو مشروب طاقة شائع في آسيا.
ما أن شرب ماتيشيتز المشروب حتى شعر بتحسن فوري، فبدأ يسأل عن مكوناته وقصته، ليكتشف أنه مشروب طاقة مصنوع من السكر والكافيين والتاورين. راودته فكرة جلب هذا المشروب إلى أوروبا وإطلاقه في الأسواق العالمية.
إنشاء السوق بدلا من البحث عنه:
عندما حاول ماتيشيتز إقناع المستثمرين بدعم فكرته، قوبل بالرفض؛ حيث رأى الجميع أن هذا المنتج لن ينجح خارج آسيا. لكن بدلا من الاستسلام، قرر أن ينشئ سوقا جديدا لمنتجه بنفسه. جمع نصف مليون دولار من مدخراته واقترض مبلغا مماثلا، ثم أطلق منتج ريد بول في النمسا عام 1987.
في البداية، واجه المشروب صعوبات كبيرة، بل وتم حظره في ألمانيا بسبب مخاوف تتعلق بالمكونات. لكن بدلا من اعتبار ذلك نكسة، استغلت الشركة الموقف بذكاء، وبدأت تسوق للمشروب على أنه "منتج خارج عن القانون" مما أثار فضول الشباب الألمان، حتى أنهم بدأوا بالسفر إلى النمسا لشرائه. وهكذا، تحولت العقبة إلى نقطة قوة، وبيعت مليون علبة في السنة الأولى فقط.
النجاح العالمي: من أوروبا إلى أمريكا:
بحلول عام 1992، كان ريد بول قد انتشر في أوروبا، ودخل السوق الألماني مجددا بعد رفع الحظر. ثم جاء التحدي الأكبر: دخول السوق الأمريكي في 1994، وهو أكبر سوق استهلاكي في العالم. خلال ثلاث سنوات فقط، كانت ريد بول تبيع أكثر من مليون علبة يوميا في الولايات المتحدة!
السر وراء نجاح ريد بول: تسويق غير تقليدي
ما يميز ريد بول ليس فقط مكوناته، بل الطريقة التي تم تسويقه بها. لم تعتمد الشركة على الإعلانات التقليدية، بل ركزت على بناء هوية قوية للعلامة التجارية من خلال استراتيجيات مبتكرة، منها:
- الترويج عبر الجامعات والحفلات: قررت ريد بول أن تستهدف الشباب، باعتبارهم الفئة الأكثر استهلاكا لمشروبات الطاقة. بدلا من توزيع المنتج عشوائيا، بدأت بتوظيف طلاب داخل الجامعات ليكونوا سفراء للعلامة التجارية، حيث وزعوا المشروب على زملائهم مجانا. كما جعلت ريد بول المشروب الرسمي للحفلات والمهرجانات، مما عزز ارتباط الشباب به.
- الاعتماد على التسويق عبر التجارب الفعلية: لم تسوق ريد بول نفسها كمجرد مشروب طاقة، بل كعلامة تجارية ترتبط بالمغامرة والجرأة. ومن أبرز أمثلة ذلك، تنظيمها لقفزة فيليكس بومغارتنر من الفضاء عام 2012، حيث كسر حاجز الصوت في سقوط حر تم بثه عالميا،هذا الحدث كلف الشركة حوالي 50 مليون دولار، لكنه حقق لها أرباحا تقارب 6 مليارات دولار، بالإضافة إلى تعزيز صورتها كعلامة تجارية جريئة ومبتكرة.
- لاستثمار في الرياضات الخطرة والإعلام الرياضي: نظرا لارتباط مشروب الطاقة بالنشاط والقوة، استثمرت ريد بول بشكل كبير في الرياضات التي تتطلب مجهودا عال، مثل سباقات الفورمولا 1، ورياضات التزلج، وكرة القدم. لم تكتف برعاية البطولات، بل امتلكت فرقا رياضية، مثل فريق ريد بول في الفورمولا 1، وأندية كرة القدم في النمسا وألمانيا والبرازيل،هذا التنويع في الاستثمار لم يكن فقط لدعم المشروب، بل لضمان استمرار العلامة التجارية حتى لو تغيرت القوانين أو انخفضت مبيعات المشروبات.
قد يعجبك ايضا
استراتيجية "ندرة المنتج" لتعزيز الطلب:
واحدة من أكثر الحيل الذكية التي استخدمتها ريد بول في بداية دخولها الأسواق الجديدة هي الحد من توفر المنتج. بدلا من طرحه في جميع المتاجر دفعة واحدة، جعلت تواجده محدودا فقط في أماكن محددة مثل النوادي الليلية وصالات الرياضة. هذه الاستراتيجية خلقت إحساسا بـ "الندرة"، مما زاد من فضول الناس ورفع الطلب على المنتج.
خلق محتوى بدلا من مجرد الإعلان:
بدلا من إنفاق الملايين على الإعلانات التلفزيونية التقليدية، ركزت ريد بول على صناعة المحتوى. أطلقت منصة Red Bull Media House التي تنتج مقاطع فيديو وأفلام وثائقية عن المغامرات والرياضات الخطيرة، مما جعلها ليست مجرد شركة مشروبات، بل علامة إعلامية متكاملة.
مستقبل ريد بول: ما التالي؟
مع تغير اتجاهات السوق وظهور المنافسة القوية، لا تزال ريد بول تبتكر للحفاظ على مكانتها. تستثمر الشركة حاليا في مشروبات خالية من السكر، وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في التسويق، بالإضافة إلى استراتيجيات رقمية لتعزيز حضورها على الإنترنت
الدرس المستفاد من نجاح ريد بول:
ما فعلته ريد بول يوضح أن النجاح لا يعتمد فقط على جودة المنتج، بل على كيفية تقديمه للسوق. ماتيشيتز لم يسوق مشروب طاقة فقط، بل خلق قصة وهوية جعلت الناس مرتبطين بعلامته التجارية.
كما قال ماتيشيتز:
"نحن لا نقدم المنتج للناس، بل نجلب الناس إلى المنتج من خلال القصص."
ما هي استراتيجية التسويق التي تتبعها شركة ريد بول؟
تعتمد ريد بول على استراتيجية تسويق غير تقليدية تركز على بناء هوية قوية للعلامة التجارية من خلال رعاية الأحداث الرياضية والمغامرات، وإنشاء محتوى إعلامي جذاب، والترويج عبر الجامعات والحفلات.
كيف نجحت ريد بول في التوسع عالميا؟
بدأت ريد بول بتسويق منتجها في النمسا عام 1987، ثم توسعت تدريجيًا إلى أوروبا وأمريكا، مع التركيز على تكييف استراتيجياتها التسويقية لتناسب الثقافات المحلية في كل سوق.
ما هي أبرز الأحداث التي نظمتها ريد بول لتعزيز علامتها التجارية؟
من أبرز الأحداث التي نظمتها ريد بول قفزة فيليكس بومغارتنر من الفضاء عام 2012، حيث كسر حاجز الصوت في سقوط حر تم بثه عالميا، مما عزز صورة الشركة كعلامة تجارية جريئة ومبتكرة.
كيف تستهدف ريد بول فئة الشباب في تسويقها؟
تستهدف ريد بول فئة الشباب من خلال الترويج في الجامعات والحفلات، وتوظيف طلاب كسفراء للعلامة التجارية، بالإضافة إلى رعاية الرياضات الخطرة والمغامرات التي تجذب اهتمام الشباب.
ما هو تأثير استراتيجيات ريد بول التسويقية على مبيعاتها؟
بفضل استراتيجياتها التسويقية المبتكرة، تمكنت ريد بول من بيع حوالي 7.5 مليار علبة من مشروبها في عام 2019، مما يعكس نجاحها في بناء علامة تجارية قوية وجذابة.
في النهاية: ريد بول أكثر من مجرد مشروب
قصة ريد بول توضح أن النجاح لا يعتمد فقط على المنتج نفسه، بل على طريقة تقديمه وبنائه كعلامة تجارية قوية. بدلا من بيع مشروب طاقة تقليدي، صنعت ريد بول أسلوب حياة يرتبط بالمغامرة والإنجازات الكبيرة، مما جعلها واحدة من أنجح العلامات التجارية في العالم.